الحمد لله نحمده، ونستعين به ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلن تجد له ولّياً مرشداً، وأشهد أنَّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ، أو سمعت أُذُنٌ بخبر.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغُر الميامين، أُمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنّا وعنهم يا ربَّ العالمين.
اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعِلم، ومن وحول الشهوات إلى جنَّات القُربات .
الإسلام عبادة وعمل عبادة متقبلة أساسها عمل صالح:
أيُّها الإخوة الكرام: نحن مُقبلون على شهرٍ عباديٍّ كبير، ألا وهو شهر الصيام، ويجب أن أضع بين أيديكم بعض الحقائق، الحقيقة الأولى قالها الإمام الشافعي وهذا القول هو: "العبادات في الإسلام مُعلَّلةٌ بمصالح الخلق" فإذا قال الله عزَّ وجل:
﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)﴾
هذه حكمة الصلاة، بل هذه عِلّة الصلاة، لكن هذا النهي ذاتيٌ من الداخل، وفرقٌ كبير بين أن تقوم الحياة على الرادع الخارجي، وبين أن تقوم على الوازع الداخلي، على الوازع الداخلي: << لقي ابن عمر راعي غنم قال له: بِعنِ هذه الشاة وخُذ ثمنها، قال له الراعي: ليست لي، قال: قُل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب وخُذ ثمنها، قال الراعي: والله إنني لفي أشدّ الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدَّقني، فإني عنده صادقٌ أمين، ولكن أين الله؟>> هذا الراعي البسيط وضع يده على جوهر الدين.
لن تستقيم حياة الإنسان إلا إذا خاف من الله عزَّ وجل:
مَن هو المؤمن؟ المؤمن الذي قبل أن ينطق بكلمةٍ، قبل أن يسكُت، قبل أن يصِلْ، قبل أن يقطع، قبل أن يَرضى، قبل أن يغضَب، يُراقب ربَّه، هل هذا الموقف يُرضي الله؟ هل هذا العطاء يُسخِط الله؟ هل هذه القطيعة لا يرضاها الله لي؟ فلذلك المؤمن يقول أين الله؟ بينما في الأنظمة الوضعية في أرقى الدول، كل الانضباط أساسه المُراقبة الإلكترونية، فإذا تعطَّلت الكهرباء في ليلةٍ من ليالي العام، ارتُكبَت في هذه الليلة مئتا ألف سرقة، قيمة المسروقات ثلاثون مليار دولار، فرقٌ كبير بين أن تُبنى حياتنا على الوازع الداخلي، وبين أن تُبنى على الرادع الخارجي، على الرادع الخارجي، توضع في الطُرقات في بعض البلاد الغربية أجهزةٌ لقياس السرعات، وقد اخترع الإنسان جهازاً في المركبة، يُحذِّره من هذا الجهاز قبل خمسة كيلو مترات، فسُرعاتهم فوق المئتين الجهاز يُنذِر فتُخفَّض السرعة.
إذاً واضع القانون إنسانٌ ذكي والمواطن أذكى، وهي معركةٌ بين عقلين، هذه حياتنا الدنيا معركةٌ بين عقلين، أمّا في الصيام مثلاً، إنسانٌ يكاد يموت من العطش، يدخُل إلى بيته ولا أحد في البيت، والأبواب مُغلَّقة، والستائر مُنسدلة، والماء بارد، هل يستطيع أن يضع في فمه قطرة ماءٍ واحدة؟ هذا الدين، لا يمكن أن تَصلُح حياتنا إلا بالدين، ممكن إنسان سائق مركبة، يجد في سيارته كيساً أسود، فيه عشرون مليون ليرة سورية، ويبحث أربعة أيام عن صاحبها حتى عثر عليه وقدَّمها له، ما الدافع؟ خوفٌ من الله، والله لا تستقيم حياتنا إلا إذا خفنا من الله، أمّا الأنظمة والقوانين، فواضع القانون إنسان والمواطن إنسان والأذكى ينتصر، لا يوجد قانون يضعه البشر إلا وله أكثر من مئة منفَذ، هذا المنفَذ يُفرِّغه من مضمونه.
العبادات في الإسلام مُعللة بمصالح الخلق ومن هذه العبادات:
لذلك قال الإمام الشافعي: "العبادات في الإسلام مُعلَّلةٌ بمصالح الخلق" .
(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَر) .
الصيام:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾
التقوى، ثلاثمئة آيةٍ في كتاب الله تتحدث عن التقوى، التقوى أن تتقي الخطر، أن تتقي سَخَط الله، أن تتقي غضب الله، أن تتقي عقاب الله، أن تتقي البلاء، أن تتقي المرض، أن تتقي الفقر، أن تتقي أن تذهب حريتك، أن تتقي أن تكون منبوذاً في المجتمع، تتقي كل هذا بطاعة الله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)﴾
أنت بالتقوى تُفرِّق بين الحقِّ والباطل.
﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا(3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)﴾
أمورك مُيسَّرة، لك مخرجٌ عند الله، لك مرجعية.
أيُّها الإخوة: الحديث عن التقوى طويل، لكن الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) .
الزكاة:
﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ(103)﴾
تُطهِّر الغني من الشُح، وتُطهِّر الفقير من الحقد، تُطهِّر المال من تعلُّق حقّ الغير به (وَتُزَكِّيهِم) تُنمّي نفس الغني (وَتُزَكِّيهِم) تُنمّي نفس الفقير، تُنمّي المال.
الحج:
﴿ جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ۚ ذَٰلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)﴾
﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)﴾
أنت حينما توقِن أنَّ علم الله يطولك، وأنَّ قدرته تطولك، لا يمكن أن تعصيه، أنت مع إنسانٍ من بني البشر لكنه أقوى منك، إذا خالفت قانون السير الآن المخالفات غالية جداً، معظم الناس يتقيدون الآن بقواعد السير، الآن هناك غرامات مئة ألف وخمسون ألف وسجن، لذلك أنت حينما ترى أنَّ مخلوقاً مثلك لكنه أقوى منك، لكن هذا المخلوق يطولك عِلمه، وتطولك قدرته، لا يمكن أن تعصيه ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) .
الصيام أيُّها الإخوة، عبادة الإخلاص:
﴿ إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (2)﴾
(مُخْلِصًا) حال، ينبغي أن تكون عبادة الله في الظاهر خضوع وفي القلب إخلاص.
من حكم الصيام:
1 ـ الصيام عبادة الإخلاص:
لذلك الصيام أوضح ما فيه أنه عبادة الإخلاص، يعني السرقة في الإسلام مُحرَّمة، وفي الأنظمة والقوانين مُحرَّمة، فالذي لا يسرق لا نعلم، قد يكون هناك مدير عام مُتمكن، معلوماته دقيقة، ضابط الأمور ضبطاً مُخيفاً، فالموظفون لا يسرقون، لا خوفاً من الله ولكن خوفاً من هذا المدير، لكن لا يوجد قانون في الأرض يمنعك أن تأكل، ولا يوجد قانون في الأرض يمنعك من أن تنظر إلى امرأةٍ لا تحلُّ لك، فالصيام عبادة الإخلاص، أنت في بيتك ووحدك، وليس معك أحد، وأنت في أعلى درجات الجوع والعطش، ولا تستطيع أن تضع في فمك قطرة ماء، كأنَّ الصيام يؤكِّد لك أنك تُحب الله، أنك مؤمنٌ بوجوده، مؤمنٌ بمراقبته، لذلك:
(( يقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: كلُّ عمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ إنَّمَا يتْرُكُ طعامَهَ وشَرَابَهُ مِن أجْلِي فصيامُهُ لَه وأنا أجزِي بِه كلُّ حسنةٍ بعشرِ أمثالِهَا إلى سبعمائِةِ ضعفٍ إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ ))
[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ]
مَثَلٌ للتقريب: الأب يأمُر ابنه أن يُنظِّف أسنانه، هذا التنظيف لصالح الابن، الأب يأمُر ابنه أن يكتب وظائفه، هذا الأمر لصالح الابن، تصوَّر المائدة شهية، والطعام حلال، والابن غالٍ على أبيه قال له: يا بُنَي لا تأكل، فالابن البار يقول: سمعاً وطاعةً يا أبتي، ما فهم الحكمة لكن أمر أباه كبيرٌ عنده، فأنت حينما تدع الطعام والشراب ماذا يعني ذلك؟ أنك تُحب الله، وأنك مؤمنٌ بحكمة الله، وأنك مؤمنٌ أنَّ الله معك، وأنَّ الله يراقبك، وأنك إذا وضعت قطرة ماءٍ في فمك سقطت من عين الله، أوضح عبادة يتجلى فيها الإخلاص هي الصيام.
الصيام وغضُّ البصر:
﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30)﴾
بإمكانك أن تملأ عينيك من محاسن امرأةٍ تقف على الشُرفة، وأنت في غرفتك، والجو عندك مُظلم، ولا أحد على وجه الأرض بإمكانه أن يضبطك بهذه المخالفة إلا الله.
﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾
لذلك: (إلا الصيامَ فهو لِي وأنا أجزِي بِهِ) .
2 ـ رمضان دورة مُكثَّفة تقوّي الإرادة على طاعة الله عزَّ وجل:
أيُّها الإخوة: حكمةٌ أُخرى من حِكَم الصيام، أنت في رمضان ممنوعٌ من المُباحات، من أن تأكل طعاماً حلالاً، هذا الطعام من خلق الله، واشتريته بمالِك الحلال وأنت جائع، ممنوعٌ أن تأكل، الأكل مُباح، ممنوعٌ أن تشرب، ممنوعٌ أن تُقارب التي أحلَّها الله لك، أنت ممنوعٌ في رمضان عن المُباحات، فلأن تمتنع في رمضان عن المعاصي من بابٍ أَولى.
كأنَّ الله قوّى إرادتك على طاعته، يعني الذين يعانون من ضعف الإرادة، يقول لك: نفسي غلبتني، لا أستطيع ماذا أفعل؟ تزل قدمي من حينٍ لآخر، كأنَّ الله سبحانه وتعالى، جعل هذا الشهر دورةً تدريبيةً لثلاثين يوماً، منعك عن أن تأكل وأن تشرب، وأن تُقارب ما أحلَّ الله لك، فلأن تمتنع عن الكذب، وعن الغيبة، وعن النميمة، وعن قول الزور الشهادة الكاذبة، والغشّ والعمل به، من باب أَولى، فكأنَّ الله سبحانه وتعالى قوّى إرادتك على طاعته.
فرمضان دورةٌ تدريبية، تدخُل رمضان بحال وينبغي أن تخرُج منه بحال، تعودت في رمضان أن تُصلّي الفجر في جماعة، وتعودت في رمضان أن تُصلّي العشاء في جماعة، وأن تقوم الليل، التراويح قيام الليل، يأتي بعد رمضان شيءٌ ألفته ثلاثين يوماً، ينبغي أن تستمر فيه.
أيُّها الإخوة: رمضان يقوّي الإرادة على طاعة الله، دورةٌ مكثفة، كيف الإنسان يُشحَن في اليوم خمس شحنات بالصلوات الخمس، الشحنة تكفي لصلاةٍ قادمة، وما بين الصلاتين يُكفِّر الله ما بينهما.
(( إنَّ الصَّلاةَ إلى الصَّلاةِ كفَّارةٌ لِما بينهما ما اجتنِبَتِ الكبائرُ ))
شحنة الجمعة أشدّ من شحنة الصلاة لأنها تكفيك أسبوعاً:
وكيف أنك مأمورٌ أن تأتي إلى المسجد يوم الجمعة.
(( مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ. ))
(بَدَنَةً) أي ناقة ثمنها مئة ألف.
إذاً ما المقصود بيوم الجمعة؟ أن تستمع إلى الخُطبة، ركعتا يوم الجمعة صلاةٌ كأي صلاة، الشيء المتميز الخُطبة، وقد أجمع علماء التفسير على أنَّ قوله تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9)﴾
مسلمون كُثر يسعون إلى إدراك الركعة الثانية مع الإمام، يقول لك: الحمد لله صلّيت الجمعة! الجمعة المقصود منها الخُطبة، وأن تأتي في أول الخُطبة، وقد يكون في الخُطبة مقدمة تُلقي ضوءاً على دقائق الخُطبة، لذلك: (فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ) فالجمعة إلى الجمعة، شحنة الجمعة أشدُّ من شحنة الصلاة، هذه تكفيك أسبوعاً، والإنسان يلاحظ نفسه عقب الخُطبة متحمِّس مُتطلِّع إلى طاعةٍ، إلى قيام ليلٍ، إلى عملٍ صالحٍ، إلى إنفاقٍ، الأمور تضعُف وتضعُف يأتي يوم الخميس، هذا التألق الذي كان يوم الجمعة خبا، تأتي الشحنة الثانية، هذه شحنةٌ أسبوعية، عندنا شحنة سنوية هي الصيام، دورةٌ تدريبية على طاعة الله، على تقوية الإرادة، على إدراك أنك مسلمٌ ومخلصٌ لله عزَّ وجل.
3 ـ الصيام يولِّد المشاركة الوجدانية بين أفراد المجتمع:
هناك شيءٌ آخر، أحياناً الفكرة شيء ومعاناتها شيءٌ آخر، لو قرأت ألف موضوع عن الجوع وأنت شبِع، ممتلئ، هذه أفكار لا تُقدِّم ولا تؤخِّر، لكن أول يومٍ في الصيام أنت ومكانتك الكبيرة، وشهاداتك العُليا، ومنصبك الرفيع، كل خواطرك كأس ماء بارد، كأس عصير بارد، حينما تمتنع عن الطعام والشراب تعرف قيمة الماء، << يا أمير المؤمنين: بكم تشتري هذا الكأس إذا مُنع منك؟ قال: بنصف مُلكي، قال: فإذا مُنع إخراجه؟ قال: بنصف مُلكي الآخر>> .
من أجل أن تعرف ماذا تعني شربة ماء بارد؟ ماذا يعني كأس عصير؟ ماذا يعني رغيف خبز؟ ماذا يعني أن تأكل؟ لذلك أرادك الله في هذا الشهر، لا أن تعيش فكرة الفقر، بل أن تعيش مشاعر الفقير، الفقير له مشاعر، وأنت مع صلاة المغرب سوف تأكل، لكن هذا الفقير جوعه مستمر، لذلك نحن مجتمعٍ لا بُدَّ من المشاركة الوجدانية، فبعض مقاصد الصيام أن تعرف ماذا يُعاني الفقير؟
مرةً حدَّثني أخٌ قال لي: ذهبنا إلى مدينةٍ في الشمال لعملٍ تجاري، دخلنا أول فندق لا يوجد غُرف، الثاني كذلك الأمر، قال لي: نحن مُضطرون أن نبيت ذلك اليوم في حلب، من الساعة السادسة حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً لم نجد مكاناً نؤوي إليه، فكلما رأينا الأمر أصبح مستحيلاً أصبحنا نُخفِّض من طلباتنا، رضينا بغرفةٍ، رضينا بفرشةٍ على الأرض، فلمّا أُتيح لنا أن ننام في مكانٍ بأسوأ مواصفات، شعرت بقيمة المأوى.
(( أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا أوى إلى فراشِه قال: الحمدُ للهِ الَّذي أطعَمنا وسقانا وكفانا فكم ممَّن لا كافيَ له ولا مُؤويَ ))
[ أخرجه مسلم وأبو داوود والترمذي وأحمد ]
الذي معه مفتاح بيت يا أخوان، مُنخفِض، عالٍ، مُلك، أُجرة، بمكانٍ مُتطرِّف، بمكانٍ وجيه، معك مفتاح مأوى، فلذلك أنت حينما تجوع في رمضان، وسوف تأكل ما تشتهي عند الإفطار، انتبه إلى إنسانٍ ليس عنده شيء، فكأنَّ الصيام يُعطيك ما يُسمّى بالمشاركة الوجدانية بين أفراد المجتمع، فكرةٌ دقيقة أيُّها الإخوة، الفكرة شيء والمعاناة شيءٌ آخر.
4 ـ رمضان يُقدِّم للإنسان تجربة مؤلمة عن أحاسيس الفقراء:
الحديث عن الموت سهل جداً، واضح، وتستطيع أن تتكلم كلاماً رائعاً، لكن لا سمح الله ولا قدَّر، يوم يُفاجئ الإنسان ببوادر مرضٍ مُميت، الآن يدخل في مشاعر الموت لا في أفكار الموت، فالفرق كبيرٌ جداً بين الأفكار وبين المشاعر، فرمضان يُقدِّم لك تجربةً مؤلمةً عن أحاسيس الفقراء، لعلَّك تنتبه إلى هؤلاء.
5 ـ وجوب زكاة الفطر على كل مسلم ليذوق الفقير طعم الإنفاق في العام مرة:
شيءٌ آخر، الله عزَّ وجل يأمر الصائمين بزكاة الفطر، وهي تجب على كل مسلمٍ، صغيراً كان أم كبيراً، فقيراً كان أم غنياً، عبداً أم حُرَّاً، بل إن الذي يملِك وجبة طعامٍ واحدة تجب عليه زكاة الفطر، لماذا؟ قال: ليذوق الفقير طعم الإنفاق في العام مرةً، فقير عليك أن تؤدّي زكاة الفطر، لأنَّ زكاة الفطر طُهرةٌ للصائم، وطُعمةٌ للمسكين، طُهرةٌ من كلمةٍ أو من رفثٍ، وطُعمةٌ للمسكين، لذلك هذا الشهر شهرٌ تدريبي، كنت في ندوةٍ تلفزيونيةٍ قبل يومين، الأخ المذيع سأل هل يمكن أن نعُدّ الصيام عقاباً من الله؟ قلت له: معاذ الله، قال لي: منع الطعام والشراب كأنه عقاب؟ قلت له: السيارة لماذا صُنعِت؟ من أجل أن تسير، نقول عِلّة صنعها السير، لماذا في المركبة مِكبَح؟ المِكبَح إيديولوجياً يُناقِض عِلّة صنعها، صُنعِت لتسير والمِكبَح يوقفها، نقول: المِكبَح أكبر ضمانةٍ لسلامتها.
الاتصال بالله عزَّ وجل المغزى البعيد لكل العبادات:
لذلك أيُّها الإخوة: من نافلة القول أن نقول: إنَّ أمر الله سبحانه وتعالى أمرٌ مُتعدَّد الجوانب، هو عبادة، هو تقرُّب، بالمناسبة الصلاة في الإسلام من أجل الاتصال بالله، والصيام في الإسلام من أجل الاتصال بالله، والزكاة في الإسلام من أجل الاتصال بالله، والحج في الإسلام من أجل الاتصال بالله، المغزى البعيد لكل العبادات الاتصال بالله.
والله أنا قبل بضع أعوامٍ حضرت في واشنطن مؤتمراً للأديان، جُمعت فيه جميع الأديان من دون استثناء، والمؤتمر ليس مؤتمر إلقاء كلمات، إنما مؤتمر أداء عبادات، أُقسِم لكم بالواحد الديّان، أنَّ كل الشرائع الأرضية عباداتها رقصٌ وغناءٌ وموسيقا، لذلك يجب أن نُفرِّق بين الطقس في الأديان الوضعية، وبين العبادة في الشرائع السماوية، الطقس حركاتٌ، وسكناتٌ، وتمتماتٌ، وإشاراتٌ، وإيماءاتٌ، لا تعني شيئاً، بينما العبادة: (الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) الصيام من أجل أن نتَّقي الله عزَّ وجل، الزكاة تُزكّى بها أنفسنا، والزكاة تطهيرٌ وتنمية، والحج من أجل أن نعلم أنَّ الله يعلم، كما قال الإمام الشافعي: "العبادات في الإسلام مُعلَّلةٌ بمصالح الخلق" .
رمضان شهر عبادة فعلى الإنسان أن يبتعد عن الفُجر و الفسوق فيه:
أيُّها الإخوة الكرام: مع الأسف الشديد الشديد، هذا الشهر عند معظم المسلمين لم يعُد شهر عبادةٍ إطلاقاً، أصبح شهرٌ اجتماعي، شهر ولائم، والمسلمون يأكلون في هذا الشهر أضعاف ما يأكلونه في شهرٍ آخر، حكمة الصيام تعطَّلت، شهر سهرٍ، شهر مسلسلاتٍ، شهر اختلاط، شهر إهمال الصلوات، رمضان بالاسم فقط، وعلى العكس أفسق البرامج إنما أُنتِجت إكراماً لشهر رمضان المُبارك!! كله إكراماً لهذا الشهر، الفسق والفجور، فلذلك الذي أتمناه عليكم من أعماق أعماقي، أن يكون هذا الشهر شهر عبادةٍ، شهر تراويح، شهر قيام ليل، شهر قراءة قرآن، شهر ذِكر، شهر غضّ بصر، شهر ضبط لسان، شهر حضور الجُمَع والجماعات، شهر الإحسان.
(( كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أجودَ الناسِ بالخيرِ ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ ))
شهر أداء الصدقات، شهر صِلة الرحم، شهر أصلِح ذات بينك، أيّةُ علاقةٍ بينك وبين أقربائك أصلحها في هذا الشهر، شهر إصلاح ذات البين، شهر قُرب، شهر حُب، شهر صلة رحم، شهر عبادة، شهر قيام ليل، شهر قرآن، هكذا هذا الشهر، ما قولكم إذا إنسان عليه ثمانية وثلاثون مليوناً، وبيته محجوز، وأرضه محجوزة، ومحله محجوز، وجاء شخصٌ همس في أُذنه: افعل هذا العمل لثلاثين يوماً وكل هذه الديون تَسقُط عنك، هل يتردَّد ثانية؟! أُقسِم لكم بالله، بإمكانكم جميعاً وأنا معكم، أن نفتح مع الله في واحد شوال صفحةً جديدة والماضي كله ذهب، الدليل:
(( مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ، ومَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ ))
(( مَن قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ ))
ما قولكم؟ فرصة، الماضي كله ثلاثة وسبعون سنة، هناك تقصيرٌ بالصلوات، هناك تقصيرٌ بالعبادات، يمكن بهذا الشهر الفضيل، أن تخرُج منه وقد غفر الله لكَ ما تقدَّم من ذنبك، وهذه أحاديثٌ صحيحة.
خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يُغفَر له:
أيُّها الإخوة الكرام:
(( صعِد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المنبرَ، فقال: آمين، آمين، آمين، فلمَّا نزل سُئل عن ذلك، فقال: أتاني جبريلُ، فقال: رغِم أنفُ امرئٍ أدرك رمضانَ فلم يُغفرْ له، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ امرئٍ ذُكِرتَ عنده فلم يُصلِّ عليك، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين، ورغِم أنفُ رجلٍ أدرك والدَيْه أو أحدَهما فلم يُغفرْ له، قُلْ: آمين، فقلتُ: آمين ))
(( هذا رمضانُ قد جاء، تُفتَحُ فيه أبوابُ الجنَّةِ، وتغلقُ فيه أبوابُ النَّارِ، وتُغَلُّ فيه الشياطينُ، بُعدًا لمن أدرك رمضانَ فلم يُغفَرْ له، إذا لم يُغْفَرْ له فمتى؟ ))
[ أخرجه النسائي وأحمد والطبراني ]
هذا شهر التوبة، شهر القُرب، شهر الحُب، شهر الصلاة، شهر القرآن، شهر العبادة، والله أتمنى عليكم وأنا معكم أن تُلغي كل الولائم في رمضان، ما من داعٍ بعد العيد، هذا الشهر اجعله شهر عبادة، كُلْ أكلاً معتدلاً، انتبه إلى صلاة التراويح، أعظم أجرٍ للقرآن أن تستمع إليه، أو أن تقرأه في صلاةٍ وأنت واقف، وفي رمضان، وفي مسجد، أنت واقفٌ على قدميك تستمع إلى القرآن الكريم، وأنت في الصلاة، وأنت في المسجد، ما قولك؟ لذلك قال تعالى:
﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)﴾
عوِّد نفسك ثلاثين يوماً أن تُصلّي الفجر والتراويح في المسجد، هيئ نفسك للتراويح، كُلْ أكلاً معتدلاً، نحن مشكلة الإخوة الكرام، ثلاث وجبات في أيام الإفطار، كانوا في النهار صاروا في الليل، ما تغيَّر شيئاً، بل على العكس يمكن أيام الإفطار تعمل لوناً واحداً من الطعام، أمّا في رمضان هناك سبعة ألوان أمامك، تأكل حتى تصاب بالتخمة والتعب، يقول لكَ: الحمد لله صُمنا، ما طبّقت من الصيام شيئاً!
أيُّها الإخوة الكرام: نصيحةٌ للنبي عليه الصلاة والسلام أتلوها على مسامعكم في الخُطبة الثانية.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن ملَك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا، وسيتخطَّى غيرنا إلينا، فلنتخذ حِذرنا، الكيِّس من دان نفسه وعمل لِما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني، والحمد لله ربِّ العالمين.
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
من أكل طعاماً خفيفاً كان نشيطاً في صلاته و طبَّق سُنَّة النبي عليه الصلاة والسلام:
أيُّها الإخوة الكرام: من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، وقبل أن أشرح هذه السُنَّة، الإنسان إذا كان جائعاً جوعاً شديداً متى يشبع؟ هناك تفسيران للشِبَع: أول تفسيرٍ حينما تمتلئ المعدة، هذه حالة، حينما تمتلئ المعدة تشعُر بالشِبَع، هناك حالةٌ أرقى منها، حينما يتنبَّه مركز الشِبَع في المُخيخ، هناك مركز للشِبَع إذا تَنبَّه تشعُر بالشِبَع، والآن يوجد أدوية من أجل إنقاص الوزن، فعالية هذا الدواء أنه يؤثِّر في هذا المركز.
النبي عليه الصلاة والسلام سنَّ لنا، وهو سيد الخلق وحبيب الحقّ، أن نأكل تمراتٍ ثلاث، اكتُشِف الآن أنَّ سُكَّر التمر أسرع سُكَّرٍ على الإطلاق، ينتقل السُكَّر من الفم إلى الدم إلى مركز الشِبَع بعشرة دقائق، فكان عليه الصلاة والسلام يأكل تمراتٍ ثلاث، وشربة ماء، ويُصلّي المغرب بعشرة دقائق، وتقريباً ثلاث ركعات مع ركعتين سُنَّة بعشرة دقائق، بعد ذلك إذا جلست إلى الطعام صدِّق ولا أُبالغ كأنك بالإفطار تأكل لكن باعتدال، ليس هناك هجومٌ على الطعام، الإنسان مع الجوع الشديد يهجم هجمة على الطعام غير معقولة، علاجها أن تأكل تمراتٍ ثلاث، وأن تشرب شربة ماء، وأن تُصلّي المغرب، وبعدها اجلس إلى الطعام وأنت معتدلٌ في جوعك، تأكل بالقدر المعقول، وتأكل طعاماً يُعينك على صلاة التراويح عشرين ركعة، إذا كان طعامك خفيفاً كنت نشيطاً في الصلاة، فهذه نصيحة النبي عليه الصلاة والسلام.
زكاة الفطر لا تُقبَل بعد رمضان والأَولى أن تُدفع في أول رمضان:
الشيء الآخر أيُّها الإخوة: هناك من يجتهد فيدفع زكاة الفطر قبل يوم العيد، جائز طبعاً، لكن الإمام الشافعي يُحبِّذ أن تُدفع في وقتٍ مُبكِّرٍ من أول رمضان، إطعام الفقراء، وبعض العلماء يُرجِّحون أن تكون طعاماً، هناك إنسان يُهيئ كمِّية لحم، كمِّية خضار، ورز وسمن، لإطعام أُسرةٍ بكاملها أياماً طويلة، اجعل زكاة الفطر طعام أحياناً، أو اجعلها مالاً، جائز.
على كلٍّ ليس من الضروري أن تنتظر إلى نهاية هذا الشهر، و لكن إذا تبرَّعت يجب أن تقول هذه زكاة الفطر، هذه تُجمَع على حدة، وتُنفَق في أثناء رمضان حصراً، زكاة الفطر لا تُقبَل بعد رمضان، أمّا الأموال والصدقات العادية تُقبَل.
اللهم اهدِنا فيمَن هديت، وعافِنا فيمن عافيت، وتولّنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقِنا واصرف عنّا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي بالحقِّ ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذلُ من واليت ولا يعزُّ من عاديت، تباركت ربّنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت.
اللهم أصلِح لنا ديننا الذي هو عِصمة أمرنا، وأصلِح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلِح لنا آخرتنا التي إليها مَردُّنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحةً لنا من كل شرّ، مولانا ربّ العالمين.
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمَّن سواك.
اللهم لا تؤمنّا مكرك، ولا تهتك عنّا سترك، ولا تنسنا ذكرك.
اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحقّ والدين، وانصُر الإسلام وأعز المسلمين، وخُذ بيد ولاتهم إلى ما تُحب وترضى، إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير.
الملف مدقق